Thursday, July 24, 2014



في الحرب .. 


في الحرب نتعلم أن كل دقيقة إضافية في عداد العمر هي هدية من الله ..

في الحرب على الجميع أن يكون على استعداد تام لتلك اللحظة التي فيها سينكسر جزء منه لسماعه أنه فقد عزيز أو أخ أوقريب أو جميعهم .

في الحرب ترى عند كل باب بيت حقيبة تحوي بداخلها أوراق وشهادات مهمة حتى ما إذا جاء قرارٌ بالإخلاء .

في الحرب تتقرفص الأفكار على طاولة التحقيق ويصبح الجميع محللاً سياسياً ومناضلاً وطنياً وشيخاً دينياً

في الحرب يختبئ الطفل بين ذراعي أمه وأمه تختبئ بين ذراعي زوجها والزوج يرتقب سكينة الجدران فتهوي الجدران وتسقط الأم ويصرخ الطفل ويستشهد الأب .

في الحرب سيمفونية موسيقية حفظ إيقاعها سكان القطاع تعزف على مسرح الرأس فتكاد تشقه نصفان وبالمناسبة لم يبق أحد إلا ولعن ذاك الإيقاع .
في الحرب ترى الحمساوي والفتحاوي والجبهاوي والجهاد الإسلامي وإلخ كلهم يقاتلون لهدف واحد كلهم ينتمون لحزب واحد وهو " مقاومين " , وهذا أفضل ما في الحرب إنها الوحدة يا سادة سيدة الموقف .

في الحرب يصبح كل شيء غال ما عدا تذكرة الموت فهي أسهل ما يمكن الحصول عليه , أخرج إلى الشارع ليلاً وانتظر دقيقتان وكل شيء بصاروخ ينتهي

في الحرب وأنت ترى الأشياء تتعمق فيها فلربما تكون هذه آخر مرة ترى فيها هذه الأشياء .

أنت في الحرب ليلاً وأنت تتفحص كل قطعة حجر من سقف منزلك تحاول تخيل الشعور بالألم الذي سيصيبك إذا ما انهال على جسدك كأنه وحش ينقض على فريسته تحاول أن تقسم السقف لأجزاء حتى تعطي كل جزء نصيبه من جسدك نعم نحن نتعامل بالعدل ولا للظلم !

أنا لم أخض تجربة الموت من قبل لكني أحاول قدر المستطاع أن أتصور الكيفية التي يكون عليها الموت لا أدري إن كانت مؤلمة أم أنها مجرد ثواني وتنتهي , هل سأموت بلمحات البصر أم أن الحكاية أطوول من ذلك ! .. كم أرجو في تلك اللحظة أن تنساب روحي كنهر الأردن المعتق برائحة ياسمين الشام وأن تكون حولي أشعة نور تشعرني بالسلام الذي لم أعشه يوماً وأنا حية .
لا أدري إن كان حقاً باستطاعة روحي قبل أن تصل إلى خالقها أن تحلق في سماء غزة حتى تصل إلى القدس فتلقي آخر نظراتها على أجمل مكان في العالم والذي طالما حلمت بأن أراه وأنا حية !

كنا قبل الحرب نرتقبُ المستقبل الجميل بأمنيات تتطاير مع الهواء محلقة في السماء البعيدة تحملها معها الغيوم فلعلها تنزل مع نزول المطر لكن أما الآن فنحن إن حلمنا لا نحلم سوى بالعيش كما الجميع يعيش نخاف أن نحلم حتى لا نحلم ويختفي كل شيء ولا نعود نحلم 

نحن في الحرب نسعى لأن نحيا إما عيشاً كريماً أو نموت ونحن رافضين 
عيش الذل والرضوخ .


نحن في غزة بخير طمنونا عنكم ؟

نحن في الحرب نسعى لأن نحيا إما عيشاً كريماً أو نموت ونحن رافضين عيش الذل والرضوخ .
نحن في غزة نموت ماذا عنكم ؟
نحن في غزة نجوع ماذا عنكم ؟
نحن في غزة نسكن المدارس ماذا عنكم ؟
نحن في غزة نصرخ ماذا عنكم ؟
نحن في غزة نقاتل ماذا عنكم ؟
نحن في غزة نمثل لا أريد أن أسألكم ماذا عنكم فدوركم هو أن تشاهدوا وتقيموا أدوارنا ..

هل أتقن هذا الطفل دور الشهيد الإرهابي ؟
وهل أتقنت تلك الأم دور الإرهابية المجنونة الباحثة على ولدها بين الأنقاض ؟

وهل كان اللون الأحمر على جسد الطفلة يلمع بشكل مثالي لتستسيغه أعينكم
 ؟
وهل كانت الحجارة رثة حتى تُهدم بسرعة أم في المرة المقبلة علينا أن 
نزيد صلابتها حتى تكون الأشلاء أكثر عند هدم المنزل ؟

هل كان المسجد معبئاً كفاية بالمصلين لجعل المشهد يبدو أفضل عند إلقاء القذيفة عليه فتتطاير الشظايا والأطراف في كل مكان أم يحتاج المزيد من الناس ليبدو أفضل ؟

هل كانت فكرة سديدة لأن يهدم الشجاعية بأكمله أم كان من الأفضل أن تطول مسافة الهدم لتصل إلى حي الرمال ؟


هل كان جري أطفال بكر على ميناء غزة سريعاً كثيراً فلم تصب الطائرة إلا أجسادهم الصغيرة أم في المرة المقبلة على أصحاب الدور أن يبطئوا قليلاً حتى تقذف الصواريخ على الرؤوس مباشرة ليتشتت الجسد الصغير بأكلمه فيبدو المشهد أجمل من هذه الناحية ؟


هل تكفي تلك المشاهد ؟؟؟؟؟
أم تريدون المزيد لتسعد قلوبكم بالدماء ؟؟؟


هل وهل وهل ؟؟
إلى متى  ألا تقيمون الأدوار وتنتهون ؟؟
كفانا دماً ! كفانا أشلاءً ! كفانا شهداء ! كفانا حرقة ! كفان ألم ! كفانا وجع ! كفانا موت !!

وكفانا وكفانا وكفى بالله وكيلا !